الحاجة والرغبة
*النص1:
« بالإمكان تعريف الحاجة بكونها ضرورة نابعة من الطبيعة، بينما الرغبة تحويل ثقافي للحاجة ينزع عنها طابع الضرورة ويقرنها بأهداف اجتماعية ثقافية. فلنأخذ الطعام على سبيل المثال. فهو يسد جوع الكائن الإنساني ويحفظ له بقاءه على قيد الوجود. إنه إذن إشباع لحاجة ذات أصل طبيعي، لكن ثقافة المجتمع تعمل على فك الارتباط المباشر بين الطعام والحاجة، فتحدد له أهدافا أخرى تتجاوز الاستجابة للضرورة الطبيعية.
لو بحثنا، داخل المجتمع الإنساني، عن جواب عن هذا السؤال البسيط: لماذا نأكل؟ لاكتشفنا أن الطعام ظاهرة ثقافية تعبر عن رغبات إنسانية تتجاوز نطاق الحاجة الطبيعية. فتقديم القهوة بالحليب مصحوبة بطبق الحلوى إلى الضيف، لا يستهدف سد حاجة هذا الأخير إلى الطعام، وإنما هو دلالة على حسن الاستقبال والحفاوة. وإقامة وليمة للمدعوين إلى العرس ليس سوى مظهر من مظاهر البهجة والفرح وعلامة على الكرم والعطاء. والعبارة المغربية التي تقول: "لقد تشاركنا الملح والطعام"، لا يمكن فهم مغزاها إلا على أساس أن الطعام أداة لتمتين الوشائج وتقوية الأواصر بين الناس. حين تأكل مع شخص من صحن واحد، فأنت لا تشاركه الأكل من نفس الصحن فقط، بل إن الأمر أكثر من ذلك: كما لو أنك أبرمت معه عهدا يوحد بينكما، ويحظر اعتداء أحدكما على الآخر.».
*النص2:
« يذهب بعض الناس، عن جهل، إلى المطابقة بين الحاجة والرغبة، فيضفون طابع الضرورة على رغباتهم ليضعوها في مرتبة الحاجات. والحق أن الحاجة لا تتميز فقط بضرورتها، بل إنها تقترن بما هو بيولوجي، بحيث يشترك فيها الإنسان والحيوان. أما الرغبة فهي تحويل لما هو بيولوجي، أي أنها ميل يتجاوز الحاجة البيولوجية عبر ارتباطه بأهداف نفسية أو اجتماعية ثقافية.
وبمقدورنا تبين الفرق بين الحاجة والرغبة، لو تأملنا مثال كل من الطعام والسكن:
إن الطعام يسد جوع الكائن الإنساني ويحفظ له بقاءه على قيد الوجود. إنه إذن إشباع لحاجة ذات أصل طبيعي، لكن ثقافة المجتمع تعمل على فك الارتباط المباشر بين الطعام والحاجة، فتحدد له أهدافا أخرى تتجاوز الاستجابة للضرورة الطبيعية. فتقديم القهوة بالحليب مصحوبة بطبق الحلوى إلى الضيف، لا يستهدف سد حاجة هذا الأخير إلى الطعام، وإنما هو دلالة على حسن الاستقبال والحفاوة. وإقامة وليمة للمدعوين إلى العرس ليس سوى مظهر من مظاهر البهجة والفرح وعلامة على الكرم والعطاء.
كما أن حاجة الإنسان إلى حماية نفسه من أجل الحفاظ على بقائه، اضطرته إلى البحث عن مأوى يصد عنه مخاطر الطبيعة. هكذا سكن الكهوف قبل أن يتمكن في نهاية المطاف من بناء المنازل. لكن وظيفة السكن لا تنحصر فقط في إشباع الحاجة الطبيعية، وإنما تمتد لتشمل رغبات تتجاوز هذه الحاجة. ذلك أن الناس عندما يشيدون بيوتا فخمة ويزينونها بالزخارف والأثاث الفخم والشجر..، فإنهم يستجيبون لنزوعهم إلى الالتذاذ بالجمال وحب البذخ ومظاهر الجاه والعظمة.».
*النص3:
« يخلط كثير من الناس بين الحاجة والرغبة، فيضفون طابع الضرورة على رغباتهم ليضعوها في مرتبة الحاجات. والحق أن الحاجة لا تتميز فقط بضرورتها، بل إنها ترتبط بما هو بيولوجي، وتكون مشتركة بين الإنسان والحيوان. أما الرغبة فهي تحويل لما هو بيولوجي، أي أنها ميل يتجاوز الحاجة البيولوجية انطلاقا من اقترانه بأهداف نفسية أو اجتماعية ثقافية.
وبمقدورنا تبين الفرق بين الحاجة والرغبة، لو تأملنا علاقة الرجل بالمرأة. إذ أن كل جنس ينجذب نحو الجنس الآخر لتحقيق أهداف تتسم بالتعدد والاختلاف. قد يلجأ أحدهما إلى الآخر للانفلات من الشعور بالوحدة، أو للتحرر من الفراغ العاطفي، فتكون العلاقة بمثابة ملاذ يوفر الدفء والألفة والحب. قد يبحث أحدهما لدى الآخر عن التوافق الذوقي أو الفكري، فتراه مقبلا عليه بجوارحه كلها مادام يشاطره نفس الميولات الجمالية والفنية، ومادام يجد لديه ما يعادل تصوراته العقلية ويسير في نفس المنحى الفكري الذي اختاره لذاته. وقد يتوخى أحدهما الارتباط بالآخر نظرا لوجود مصالح مشتركة بينهما، مثل إنجاز مشروع اقتصادي أو برنامج سياسي.
إن الأهداف السالفة الذكر تندرج في إطار الرغبة، وتسمح بملاحظة مدى تميزها عن الحاجة وتجاوزها لنطاقها، لأن هذه الأخيرة، فيما يخص علاقة الرجل بالمرأة، تنحصر ببساطة في إشباع الغريزة الجنسية. ولعله، في ضوء ما تقدم، من المتاح القول إن الإنسان كائن راغب يتسامى عن الحيوان برغباته ذات الأبعاد النفسية والثقافية الاجتماعية.».
*النص1:
« بالإمكان تعريف الحاجة بكونها ضرورة نابعة من الطبيعة، بينما الرغبة تحويل ثقافي للحاجة ينزع عنها طابع الضرورة ويقرنها بأهداف اجتماعية ثقافية. فلنأخذ الطعام على سبيل المثال. فهو يسد جوع الكائن الإنساني ويحفظ له بقاءه على قيد الوجود. إنه إذن إشباع لحاجة ذات أصل طبيعي، لكن ثقافة المجتمع تعمل على فك الارتباط المباشر بين الطعام والحاجة، فتحدد له أهدافا أخرى تتجاوز الاستجابة للضرورة الطبيعية.
لو بحثنا، داخل المجتمع الإنساني، عن جواب عن هذا السؤال البسيط: لماذا نأكل؟ لاكتشفنا أن الطعام ظاهرة ثقافية تعبر عن رغبات إنسانية تتجاوز نطاق الحاجة الطبيعية. فتقديم القهوة بالحليب مصحوبة بطبق الحلوى إلى الضيف، لا يستهدف سد حاجة هذا الأخير إلى الطعام، وإنما هو دلالة على حسن الاستقبال والحفاوة. وإقامة وليمة للمدعوين إلى العرس ليس سوى مظهر من مظاهر البهجة والفرح وعلامة على الكرم والعطاء. والعبارة المغربية التي تقول: "لقد تشاركنا الملح والطعام"، لا يمكن فهم مغزاها إلا على أساس أن الطعام أداة لتمتين الوشائج وتقوية الأواصر بين الناس. حين تأكل مع شخص من صحن واحد، فأنت لا تشاركه الأكل من نفس الصحن فقط، بل إن الأمر أكثر من ذلك: كما لو أنك أبرمت معه عهدا يوحد بينكما، ويحظر اعتداء أحدكما على الآخر.».
*النص2:
« يذهب بعض الناس، عن جهل، إلى المطابقة بين الحاجة والرغبة، فيضفون طابع الضرورة على رغباتهم ليضعوها في مرتبة الحاجات. والحق أن الحاجة لا تتميز فقط بضرورتها، بل إنها تقترن بما هو بيولوجي، بحيث يشترك فيها الإنسان والحيوان. أما الرغبة فهي تحويل لما هو بيولوجي، أي أنها ميل يتجاوز الحاجة البيولوجية عبر ارتباطه بأهداف نفسية أو اجتماعية ثقافية.
وبمقدورنا تبين الفرق بين الحاجة والرغبة، لو تأملنا مثال كل من الطعام والسكن:
إن الطعام يسد جوع الكائن الإنساني ويحفظ له بقاءه على قيد الوجود. إنه إذن إشباع لحاجة ذات أصل طبيعي، لكن ثقافة المجتمع تعمل على فك الارتباط المباشر بين الطعام والحاجة، فتحدد له أهدافا أخرى تتجاوز الاستجابة للضرورة الطبيعية. فتقديم القهوة بالحليب مصحوبة بطبق الحلوى إلى الضيف، لا يستهدف سد حاجة هذا الأخير إلى الطعام، وإنما هو دلالة على حسن الاستقبال والحفاوة. وإقامة وليمة للمدعوين إلى العرس ليس سوى مظهر من مظاهر البهجة والفرح وعلامة على الكرم والعطاء.
كما أن حاجة الإنسان إلى حماية نفسه من أجل الحفاظ على بقائه، اضطرته إلى البحث عن مأوى يصد عنه مخاطر الطبيعة. هكذا سكن الكهوف قبل أن يتمكن في نهاية المطاف من بناء المنازل. لكن وظيفة السكن لا تنحصر فقط في إشباع الحاجة الطبيعية، وإنما تمتد لتشمل رغبات تتجاوز هذه الحاجة. ذلك أن الناس عندما يشيدون بيوتا فخمة ويزينونها بالزخارف والأثاث الفخم والشجر..، فإنهم يستجيبون لنزوعهم إلى الالتذاذ بالجمال وحب البذخ ومظاهر الجاه والعظمة.».
*النص3:
« يخلط كثير من الناس بين الحاجة والرغبة، فيضفون طابع الضرورة على رغباتهم ليضعوها في مرتبة الحاجات. والحق أن الحاجة لا تتميز فقط بضرورتها، بل إنها ترتبط بما هو بيولوجي، وتكون مشتركة بين الإنسان والحيوان. أما الرغبة فهي تحويل لما هو بيولوجي، أي أنها ميل يتجاوز الحاجة البيولوجية انطلاقا من اقترانه بأهداف نفسية أو اجتماعية ثقافية.
وبمقدورنا تبين الفرق بين الحاجة والرغبة، لو تأملنا علاقة الرجل بالمرأة. إذ أن كل جنس ينجذب نحو الجنس الآخر لتحقيق أهداف تتسم بالتعدد والاختلاف. قد يلجأ أحدهما إلى الآخر للانفلات من الشعور بالوحدة، أو للتحرر من الفراغ العاطفي، فتكون العلاقة بمثابة ملاذ يوفر الدفء والألفة والحب. قد يبحث أحدهما لدى الآخر عن التوافق الذوقي أو الفكري، فتراه مقبلا عليه بجوارحه كلها مادام يشاطره نفس الميولات الجمالية والفنية، ومادام يجد لديه ما يعادل تصوراته العقلية ويسير في نفس المنحى الفكري الذي اختاره لذاته. وقد يتوخى أحدهما الارتباط بالآخر نظرا لوجود مصالح مشتركة بينهما، مثل إنجاز مشروع اقتصادي أو برنامج سياسي.
إن الأهداف السالفة الذكر تندرج في إطار الرغبة، وتسمح بملاحظة مدى تميزها عن الحاجة وتجاوزها لنطاقها، لأن هذه الأخيرة، فيما يخص علاقة الرجل بالمرأة، تنحصر ببساطة في إشباع الغريزة الجنسية. ولعله، في ضوء ما تقدم، من المتاح القول إن الإنسان كائن راغب يتسامى عن الحيوان برغباته ذات الأبعاد النفسية والثقافية الاجتماعية.».