www.addoha.ibda3.org

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

www.addoha.ibda3.org

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى.

www.addoha.ibda3.org

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى التربية والتعليم . الثانوية التأهيلية الضحى


    درس النظرية والتجربة

    avatar
    عبد اللطيف النيلة


    عدد المساهمات : 53
    نقاط : 152
    تاريخ التسجيل : 07/05/2010

    درس النظرية والتجربة Empty درس النظرية والتجربة

    مُساهمة من طرف عبد اللطيف النيلة الخميس يناير 27, 2011 7:15 am

    النظرية والتجربة
    * إعداد: ذ. عبد اللطيف النيلة


    * تقديم:
    يحدد لالاند مفهوم النظرية بأنه "إنشاء تأملي للفكر يربط نتائج بمبادئ". إنه إذن بناء فكري يشيده العقل اعتمادا على التأمل ويحرص فيه على وجود انسجام منطقي بين المبادئ أو الفرضيات التي يقوم عليها وبين النتائج التي يفضي إليها. وفي المقابل، يحدد كلود برنار مفهوم التجربة قائلا: "الملاحظة هي استقصاء ظاهرة طبيعية، والتجربة هي استقصاء ظاهرة أدخل عليها الباحث تغييرا"، ويضيف موضحا: "يتأمل الملاحظ الظواهر كما تجري في ظروفها الطبيعية، أما المجرب، فهو يستثير ظهورها في الظروف التي يريد ويختار". إن التجربة، إذن، هي استحداث ظاهرة طبيعية في المختبر بهدف بناء معرفة حولها.
    في ضوء ما سبق، يتبين أن النظرية تنتمي إلى مجال ماهو عقلي مجرد، في حين أن التجربة تنتمي إلى مجال ماهو حسي ملموس، مما يستدعي طرح الإشكالات التالية: كيف تتحدد التجربة العلمية؟ ما علاقتها بكل من الواقع والخيال؟ ما طبيعة العقلانية العلمية؟ هل هي مطلقة أم نسبية؟ ما معيار علمية النظرية؟ هل يرتبط بالتجربة أم بالانسجام المنطقي؟
    *المحور الأول: التجربة والتجريب:
    *إشكال المحور: إذا كانت النظرية العلمية تفترض وجود التجربة، فبأي معنى تكون التجربة علمية؟ هل هي مجرد خبرة حسية تتميز بالتلقائية والمباشرة، أم هي تجريب خاضع لشروط خاصة وضوابط محددة؟ وهل هي تجربة تتم بشكل واقعي ملموس، أم أنها تنفتح على الخيالي والافتراضي؟
    *مقاربة الإشكال:
    1/ موقف كلود برنار:
    لإلقاء الضوء على دلالة التجربة العلمية، بوصفها تجريبا خاضعا لشروط محددة، بين العالم الفيزيولوجي كلود برنار خطوات المنهج التجريبي، مستندا إلى مثال توضيحي. فقد ساق تجربة الأرانب ليبرز أن المنهج التجريبي في العلم ينطلق من ملاحظة واقعة معينة تثير تساؤلا في ذهن العالم، فيقوده التساؤل إلى إنشاء فرضيات علمية، ثم يعمد إلى التجربة للتأكد من صحة فرضية من هاته الفرضيات، ليستخلص أخيرا قانونا علميا، أي علاقة ثابتة بين ظاهرتين أو أكثر. وتتضح معالم هذه الخطوات من خلال مثال الأرانب على النحو التالي:
    أ/ الملاحظة: لاحظ برنار أن بول بعض الأرانب صاف وحمضي، وبما أن الأرانب حيوانات عاشبة، فإن بولها يجب أن يكون مكدرا وغير حمضي، على عكس الحيوانات اللاحمة التي يكون بولها صافيا وحمضيا. لذلك تساءل برنار عن سبب تغير بول الأرانب.
    ب/ الفرضية: افترض برنار، من جهة، أن تغير البول يعود إلى خضوع الأرانب لنظام غذائي يناسب الحيوانات اللاحمة، أو إلى اضطرارها للاقتيات من دمها لتعويض الطعام الذي حرمت منه.
    ج/ التجربة: لاختبار صحة الفرضية لجأ برنار إلى التجربة. ذلك أنه قدم، في البداية، طعاما من العشب للأرانب، فتكدر بولها وفقد حموضته. ثم منع عنها الطعام لمدة زمنية معينة، فاستحال بولها صافيا وحمضيا. ثم قدم لها طعام العشب مرة أخرى، ففقد البول صفاءه وحموضته. وأخيرا كرر التجربة عدة مرات، وغير موضوعها بحيث استبدل بالأرانب الخيول باعتبارها أيضا حيوانات عاشبة.
    د/ القانون: استخلص برنار من تجربته قانونا علميا يفيد أن كل الحيوانات تتغذى من جسمها عند إمساكها عن الطعام، فيصير بول الحيوانات العاشبة مماثلا لبول الحيوانات اللاحمة.
    2/موقف روني طوم:
    في مقابل موقف كلود برنار، يسعى العالم الرياضي روني طوم إلى توسيع دلالة التجربة العلمية، بحيث لا تبقى منحصرة في نطاق ما هو واقعي ملموس، وإنما تنفتح على ما هو خيالي افتراضي. فهو يمنح الخيال أهمية في بناء المنهج التجريبي، مؤكدا على أن التجربة العلمية لا تعني فقط التجربة الواقعية المادية التي تجرى داخل مختبر مادي، بل إنها تشمل أيضا التجربة الذهنية التي تتم داخل مختبر خيالي أو مفترض عقليا. ومن هذا المنظور وجه طوم انتقادا إلى التجريبيين الكلاسيكيين الذين يقتصرون على التجربة بمعناها الضيق. يقول بهذا الصدد: «لقد ذهب المؤسس التاريخي للمنهج التجريبي، فرانسيس بيكون إلى الاعتقاد بأن استخدام التجريب يتيح وحده التحليل السببي لظاهرة من الظواهر، وهذا وهم.. ». وفي الواقع، فإن اكتشاف سبب أو أسباب ظاهرة ما، لا يمكن له، على حد تعبير طوم، ليكون علميا وذا مغزى، أن يستغني عن التفكير باعتباره نشاطا ينفلت من رتابة الإجراءات التجريبية ومنهجيتها. ومعنى ذلك أن العالم عاجز عن تقديم فهم وتفسير متسقين للظواهر الطبيعية دون فسح المجال أمام العقل ليفكر ويتخيل ويبدع، في إطار تجربة نظرية ذهنية. والدليل على قوة حضور الخيال في الحقل العلمي يتضح من خلال:
    أولا، أنه لا وجود لفرضية بدون وجود شكل من أشكال النظرية.
    ثانيا، أن كل نظرية تتضمن كيانات خيالية يتم التسليم بوجودها.
    ينبغي، إذن، استكمال الواقعي بالخيالي: «وهذه القفزة نحو الخيال هي أساسا عملية ذهنية، أو تجربة ذهنية، ولا يمكن لأي جهاز آلي أن يعوضها».
    *خلاصة المحور: بناء على ما تقدم، يمكن القول إن التساؤل عن طبيعة التجربة العلمية يقودنا إلى موقفين متعارضين: أحدهما يرى أن التجربة العلمية تجريب يتم داخل مختبر مادي واقعي، والآخر يرى أن التجربة العلمية لا تنحصر في نطاق التجريب الواقعي، بل تنفتح على ما هو افتراضي خيالي.
    *المحور الثاني: العقلانية العلمية:
    *إشكال المحور: ما طبيعة العقلانية العلمية؟ هل هي مطلقة أم نسبية؟ ثابتة أم متغيرة؟ وكيف تنظر إلى العقل؟ هل تعتبره جوهرا منغلقا، أم فعالية منفتحة ومتطورة؟
    *معالجة الإشكال:
    1/ موقف جون بيير فرنان: يتبنى المؤرخ الفرنسي المعاصر فرنان أطروحة ترى أن العقلانية العلمية تتميز بطابع التغير والتجدد. فهو ينطلق من كون البحث في نشأة العقل يؤدي إلى ربط العقل بالتاريخ، ككل ظاهرة بشرية، واعتباره بالتالي مطبوعا بالنسبية. ذلك أنه يعرف العقل على أساس أنه: «أنماط معينة من التفكير ودراسات عقلية، وتقنيات ذهنية تختص بها ميادين معينة للتجربة والمعرفة»، ومعنى ذلك أن العقل لا يعدو كونه «أشكالا مختلفة من الاستدلال والبرهان والتفنيد، وأنماطا خاصة لتقصي الوقائع وتدبير الحجج، وأنواعا متباينة من التمحيص التجريبي». وبهذا يتجاوز فرنان التعريف الكلاسيكي للعقل كجوهر ثابت مطلق، ليؤكد على سمة أساسية تطبع العقل هي التغير. إنه يتغير تبعا للعوامل التالية:
    - موضوع الدراسة (ظواهر ماكروسكوبية أو ميكروسكوبية...الخ.).
    - اللغة المستعملة من طرف العالم (عادية أو رمزية).
    - المستوى التقني لتطور العلم (درجة تطور الأدوات والأجهزة المستعملة في الملاحظة والتجربة والقياس).
    ومن هنا ينفي فرنان امتلاك العقل لمبادئ مسبقة تتحكم في مسار العلم، ويلح على تاريخية العقل باعتباره فعالية تتبدل وتتجدد على نحو مستمر ولا تتموضع خارج نطاق التاريخ.
    * خلاصة المحور: تأسيسا على ما سبق، يتضح أن مساءلة طبيعة العقلانية العلمية يسمح بالتمييز بين شكلين متناقضين من العقلانية: عقلانية كلاسيكية مطلقة ومنغلقة على نفسها، وعقلانية معاصرة نسبية ومنفتحة على المعرفة والتجربة.
    2/ موقف أولمو ullmo:
    بالانسجام مع موقف فرنان، يذهب العالم الفيزيائي والإبستمولوجي أولمو إلى كون العقلانية العلمية تتسم بالنسبية والانفتاح. فهو يقيم تقابلا بين صنفين من العقلانية:
    - عقلانية كلاسيكية: تمثلها كل من العقلانية المطلقة الديكارتية والعقلانية النقدية الكانطية. وهي تتميز باعتقادها بامتلاك العقل لمضمون واحد سابق على المعرفة والتجربة. يطلق ديكارت على هذا المضمون اسم البداهات ، بينما يسميه كانط بالمقولات القبلية.
    - عقلانية معاصرة: تدحض فكرة وجود معطيات عقلية سابقة على المعرفة والتجربة: «ليس للعقل، بالنسبة للعلم المعاصر، مضمون دائم، وليس هناك معطى عقلي». واستنادا إلى هذا الفهم الجديد، أصبح العقل عبارة عن نشاط وفعالية: «لم يعد العقل يعرف كمجموعة من المبادئ: إنه القدرة على القيام بعمليات تبعا لقواعد ». هكذا صارت العقلانية تحيل على النشاط العقلي الذي يعرف كيفية إنشاء منظومات (أنساق نظرية) تنطبق على ظواهر مختلفة.
    *خلاصة المحور: تأسيسا على ما تقدم، نستطيع التمييز بين نوعين من العقلانية العلمية:
    - عقلانية كلاسيكية تعتبر العقل جوهرا منغلقا على ذاته، يفكر وينتج المعرفة من خلال مبادئ قبلية ثابتة ومطلقة.
    - عقلانية معاصرة تعتبر العقل فعالية تفكر وتنتج المعرفة انطلاقا من وضع فرضيات وبارتباط مع الواقع والموضوعات التي تدرسها، وهي تقبل التغير والتطور بتأثير من المعرفة التي تنتجها.
    *المحور الثالث: معيار صحة النظرية العلمية:
    - إشكال المحور: ما الذي يجعل نظرية معينة تكتسي طابعا علميا؟ ما هو المعيار الذي يحدد صحة أو صلاحية النظرية العلمية؟ هل يرتبط هذا المعيار بتطابقها مع الواقع، أم بتماسكها الداخلي المنطقي؟
    *معالجة الإشكال:
    1/ الموقف الفيزيائي الكلاسيكي: يرى علماء الفيزياء الكلاسيكية أن معيار صحة النظرية يتمثل في تطابق النظرية مع الواقع عن طريق التجربة. فإذا كان الواقع يتجسد في مجموعة من الظواهر ذات الطابع المادي الملموس، فإن النظرية ليست سوى ذلك البناء العقلي المستمد من معطيات الواقع، والهادف إلى فهم وتفسير ظواهره، وصياغتها في قوانين اعتمادا على المنهج التجريبي والصياغة الرياضية. ولهذا فإن التجربة تكتسي أهمية قصوى في الربط بين النظرية والواقع. فهي من جهة نقطة انطلاق النظرية العلمية، إذ منها تستقي معطياتها وقوانينها. يقول إرنست ماخ بهذا المعنى: «إن النظرية العلمية وليدة ما يقوم به العالم من جمع وتصنيف للوقائع المعطاة. ولكي نبقى أوفياء للمنهجية التي سلكها مشاهير العلماء أمثال غاليلي ونيوتن في التوصل إلى كشوفاتهم الكبرى، علينا أن نكتفي بكشف الارتباطات الواقعية التي هي خصائص فيزيائية نتوصل إليها بالملاحظة». ومن جهة أخرى، فإن التجربة هي نقطة الوصول بالنسبة للنظرية، لأنها معيار صلاحيتها. فلكي نثبت صحة نظرية ما، فإننا في حاجة إلى إخضاعها إلى مبدأ التحقق التجريبي، ومعنى ذلك أن النظرية لا تكون صحيحة إلا إذا كانت قضاياها مطابقة للوقائع التجريبية.
    2/ الموقف الفيزيائي المعاصر: على النقيض من الفيزيائيين الكلاسيكيين، يرى الفيزيائيون المعاصرون، أن الانسجام المنطقي والتماسك الداخلي للنظرية هو معيار صحتها. فإذا كانت النظرية في الفيزياء الكلاسيكية تتعامل مع موضوعات قابلة للملاحظة والتحديد والتجربة، فإن العلم الفيزيائي المعاصر أصبح يرى أن الواقع هو ما يتم بناؤه بفعل تدخل العقل، وليس هو المعطيات المادية الجاهزة. يقول غاستون باشلار في هذا السياق: «إن الموضوع العلمي لم يعد معطى حسيا، بل أصبح إنشاء عقليا. فبما أن الواقع لم يعد قابلا للتفرد والتميز فيزيائيا كلما غصنا في أعماق فيزياء الأشياء اللانهائية الصغر، فإن العالم الباحث سيعطي أهمية كبرى لنظام العلاقات..». هكذا تخلت النظرية الفيزيائية عن المنهج التجريبي الذي يربطها بالواقع ربطا مباشرا، واستبدلت به المنهج الأكسيومي، أي الفرضي-الاستنباطي، لتكون بناء يشيده العقل من خلال أوليات أو فرضيات تستنبط منها جملة من النتائج. يقول العالم الفيزيائي آينشتاين: «إن نسقا كاملا من الفيزياء النظرية يتكون من مفاهيم وقوانين أساسية للربط بين تلك المفاهيم والنتائج التي تشتق منها بواسطة استنباط المنطق، وهذه النتائج هي التي يجب أن تتطابق معها تجاربنا. من ثم لا يمكن استنتاج القاعدة الأكسيومية للفيزياء النظرية انطلاقا من التجربة، إذ يجب أن تكون بناء حرا».
    ومن ثم فإن معيار صلاحية أو صحة نظرية ما لا يعود إلى التجربة، وإنما يقترن بتماسكها المنطقي. فكلما كانت نتائج النظرية مستخلصة بشكل منطقي من فرضياتها، كانت النظرية صحيحة.

    *خلاصة المحور: تأسيسا على ما تقدم، يتضح أن تحديد معيار صحة النظرية يفضي بنا إلى موقفين متعارضين: أحدهما يربط صحة النظرية بتطابقها مع الواقع، والآخر يربطها بتماسكها الداخلي.

    ***

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت مايو 18, 2024 6:34 pm