البرازيل: نمو اقتصادي واستمرارالتفاوتات في التنمية البشرية
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
بطاقة تعريف :
- الموقع :الشمال الشرقي لأمريكا الجنوبية
- المساحة : 8512000 كلم².(الرتبة 5 عالميا)
- السكان : 190.7 مليون نسمة.
- تاريخ الاستقلال عن البرتغال : 7 شتنبر 1922.
- النظام السياسي: جمهورية فيدرالية رئاسية مكونة من 26 ولاية.
- الرئيس الحالي : Dilma Rousseff
- العاصمة: Brasilia برازيليا .
- العملة : Réal.
- ن.د.إ : 604 مليار $.
- مؤشر التنمية البشرية : 0.792( الرتبة 69).
تقديم إشكالي
تعد البرازيل الواقعة شمال غرب أمريكا الجنوبية على مساحة 8.5 و كلم² والبالغ سكانها 190.7 م نسمة ،ثاني قوة اقتصادية في العالم النامي بعد الصين و 11 عالميا ،وذلك بفضل ماحققته من قفزة اقتصادية نوعية، تتضح من خلال قوة ناتجها الداخلي الخام 604 مليار دولار واجتذابها للرساميل الأجنبية بكثافة ،غير أنها تبقى أيضا بلد التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية الصارخة.
-فأين تتضح مظاهر ومؤشرات النمو الاقتصادي بالبرازيل والعوامل المفسرة له ؟
- وماهي التفاوتات التي تعرفها البرازيل في مجال التنمية البشرية ؟
I-المؤشرات الدالة على النمواالاقتصادي بالبرازيل
1- مميزات الفلاحة البرازيلية ومظاهر نموها
تعد البرازيل من بين اكبر البلدان الفلاحية في العالم ،وذلك بفضل التطور الذي حققه هذا القطاع من خلال سياسة الإصلاح الزراعي . وتتضح بعض مظاهر ومؤشرات قوة الفلاحة البرازيلية في :
- تنوع المنتوجات الفلاحية وضخامة إنتاجها وأهمية مكانتها على المستوى العالمي وخاصة التسويقية منها حيث تحتل الرتبة العالمية الأولى في إنتاج البن وقصب السكر والبرتقال وتربية الأبقار.والثانية في إنتاج الصوجا والثالثة في إنتاج الذرة وتربية الخنازير ، و الخامسة بالنسبة للقطن والسادسة بالنسبة للخشب و 16 في تربية الأغنام و 19 في إنتاج البطاطس و21 في إنتاج القمح .
- تركز الزراعات التسويقية الموجهة للتصدير جنوب البلاد (حيث تنتشر زراعة تسويقية مختلطة تجمع بين زراعة الحبوب، البن، الصوجا، قصب السكر والقطن مع تربية عصرية للمواشي ) وبالشريط الساحلي شرقا حيث تمتد مغارس البن ،قصب السكر و الموز والكاكاو .بينما تسود زراعة خفيفة ومتفرقة بالداخل مع رعي واسع للمواشي .أما بالقسم الغربي حيث تغطي غابة الأمازون جزءا كبيرا من البلاد فيسود اقتصاد قائم على القطف مع بعض الزراعات المعيشية بالقرب من مدينة ماناووس وعلى بعض ضفاف نهر الأمازون .
- تحسن إنتاجية ومردودية الزراعية المدارية وتربية الماشية بشكل كبير كما هو الحال بالنسبة للأرز والصوجا والدجاج والأبقار والحليب ومشتقاته، وذلك بفضل الثورة الفلاحية التي عرفتها البرازيل في العقد الأخير والتي أدت إلى اندماج الفلاحة مع القطاع الصناعي وخاصة في مجال الصناعات الغذائية التي تلعب دورا حيويا في مجال الصادرات.
2- مميزات نمو الصناعة في البرازيل وبعض مظاهر قوتها
حققت البرازيل نهضة صناعية جعلتها ضمن البلدان الصناعية الجديدة ،حيث تعتبر القوة الصناعية الأولى في أمريكا اللاتينية .وتتجلى بعض مظاهر هذه القوة في ׃
- تنوع القطاعات الصناعية ومجالاتها بالبرازيل : حيث تجمع مابين :
* صناعات استهلاكية تقليدية ذات إنتاج ضخم احتلت به البرازيل مراتب عالمية جد متقدمة ( الأولى في إنتاج السكر وعصير البرتقال وصناعات غذائية أخرى و5 في إنتاج المطاط و7 في إنتاج الورق كما تحقق صناعة النسيج رقم معاملات جيد يقدر ب 21 مليار $).
* صناعات متطورة عالية التكنولوجيا كصناعة أجهزة الاتصال والأدوات الالكترونية وصناعة السيارات ( الرتبة 11 عالميا بفضل استثمارات المقاولات الفرنسية والألمانية والايطالية ) وصناعة الطائرات ( الرتبة الأولى في صناعة الطائرات الصغيرة الخاصة بالخدمات البريدية والرابعة بالنسبة للطائرات المدنية الصغيرة ).
- قوة الصناعة البرازيلية وتنوع نسيجها الذي يشمل كل القطاعات من البلاستيك الى الصناعات الحديدية وقطاع الاتصالات مرور بصناعة السيارات التي أصبحت صناعة رائدة بالبلاد .
- الإسهام الكبير للصناعة في الناتج الوطني الإجمالي ( 34.3% ) .
- انتشار الإنتاج الصناعي البرازيلي على امتداد الشريط الساحلي شرقا حيث توجد مراكز صناعية كبرى أهمها المثلث الصناعي الرئيسي في البلاد بالجنوب الشرقي (برازيليا ،ريودي جانيرو،ساو باولو) إضافة إلى أقطاب صناعية جديدة مثل بورتو أليكري بأقصى الجنوب وماناووس شمالا وسلفادور شرقا .كما توجد مدن صناعية أخرى في إطار التجديد على امتداد الساحل الشمالي الشرقي للبلاد .
3- بنية التجارة البرازيلية ومكانتها العالمية
انعكس تطور قطاعي الفلاحة والصناعة وتشجيع البرازيل للتصدير منذ 1964 إيجابا على قطاعي التجارة الخارجية والخدمات ، يتضح ذلك من خلال :
- أهمية المنتوجات الصناعية والنصف مصنعة في تركيبة التجارة الخارجية للبرازيل ،حيث وصلت نسبة صادرتها من هذه المواد إلى أكثر من 70 % معظمها عبارة عن آلات ومواد التجهيز ووسائل النقل ، صلب وحديد ، وكيماويات ،في حين لا تمثل الصادرات الفلاحية سوى 29.6 % .
- التباين الايجابي لقيمة المبادلات التجارية الخارجية ، حيث تحقق فائضا في الميزان التجاري يقدر بحوالي 41 مليار دولار بسبب ارتفاع قيمة الصادرات على الواردات .
- تعدد الشركاء التجاريون للبرازيل ، حيث أصبح لها زبناء في معظم القارات، وتتضح أهمية علاقتها معهم من خلال قيمة المعاملات التجارية ،حيث تمثل حوالي 44.5 مليار $ بالنسبة لكل من الاتحاد الأوربي وأمريكا الشمالية وقرابة 38 مليار دولار مع الصين ونفس القيمة مع دول أمريكا الجنوبية بفعل شراكتها ضمن Mercosur ( السوق المشتركة لدول أمريكا الجنوبية المحدثة بين البرازيل ،البراغواي .الأرجنتين والاوروغواي بمقتضى معاهدة اسونسيون المبرمة بالبرغواي في 26 مارس 1991 والتي تم تفعيلتها سنة 1995 ) وأخيرا مع دول إفريقيا الوسطى حيث تبلغ قيمة المبادلات ب 13 مليار دولار ونصفها مع الشرق الأوسط علما أن قيمة الصادرات تفوق قيمة الواردات بمعظم هذه الأسواق .
II-العوامل المفسرة للنمو الاقتصادي بالبرازيل
1- العوامل المفسرة لقوة الفلاحة بالبرازيل
تتلخص أهم العوامل المساهمة في نموا الفلاحة البرازيلية في ׃
ا- عوامل طبيعية، تحدد في:
* المساحة الشاسعة للبلاد حيث تعد خامس مساحة في العالم بعد روسيا ، كندا ،الو.م. ا ،والصين .
* تنوع التضاريس ׃سهول وهضاب واسعة وأحواض تغطي معظم المجال البرازيلي أهمها الهضبة البرازيلية وحوض الأمازون .
* التنوع المناخي ׃حيث تجمع البرازيل مابين المناخ الاستوائي بحوض الأمازون وهضبة غويان ،والمداري بالهضبة البرازيلية (مع التمييز ما بين شمال السلفادور الجاف وجنوبها الممطر)،وشبه المداري بأقصى الجنوب ← تساقطات وفيرة ومياه عذبة تمثل 20% من مياه العالم العذبة بفضل جريان نهر الأمازون وروافده التي يبلغ عددها 110 رافد.
* مجال زراعي ورعوي واسع قوامه 340 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة.
ب – عوامل بشرية وتنظيمية ،تتجلى في:
* الثروة البشرية التي تقدر ب 190.7 مليون نسمة / سنة 2006 ← وفرة اليد العاملة .
* فلاحة رأسمالية تسويقية مندمجة في الدورة النقدية ، تنتظم في إطار استغلاليات رأسمالية واسعة تدعى باللاتيفونديا وأخرى عائلية تم تحديث أساليبها مؤخرا بفضل دخولها في تعاقدات مع مقاولات تجارية وصناعية كبرى.
*احتكار الشركات المتعددة الجنسيات للنشاط الفلاحي في قطاع المغارس الى جانب الشركات الوطنية .
ج- عوامل تقنية ׃
* استعمال المكننة والبذور المختارة والأساليب والتقنيات الحديثة سواء في الأعمال الزراعية أو تربية المواشي كالخنازير والدواجن مثل الديك الرومي .
* دور الدولة والبحث العلمي في نموا الفلاحة البرازيلية ، حيث أقامت الدولة جهازا تابعا لوزارة الفلاحة Embrapa مهمته الإشراف على 37 مركز للبحت وتوجيه القطاع وربطه بالنتائج المحصل عليها في مجال الأبحاث الجيئية ، مما ساعده على مضاعفة المردودية وعلى إنتاج نباتات قادرة على التكييف مع ظروف البلاد الطبيعية .
*استفادة الفلاحة من الاستثمارات الوطنية والأجنبية .
2- العوامل المفسرة لنمو الصناعة البرازيلية ׃
- الإمكانات الكبيرة التي يوفرها الوسط الطبيعي البرازيلي للصناعة من معادن ومصادر طاقة في مقدمتها الفوسفات بالشمال الشرقي (RM2 ) ،والحديد (RM3 ) والبوكسيت (4RM) بولايتي ميناس جيراس وكراجاس إضافة إلى الفحم (RM21 ) بأحواض بورتو أليكري جنوبا والبترول (RM15 ) والغاز بالساحل بمنطقتي سلفادور وشمال ساو باولو.
- تشجيع القروض وتحفيز الثقة بين المقاولين والمستهلكين ودورها في الرفع من حجم الاستثمارات الوطنية والأجنبية التي انصب اهتمامها على بعض القطاعات الصناعية مثل صناعة الآلات والتجهيزات والسيارات والأدوات الالكترونية ، حيث انتقل حجم الاستثمارات الأجنبية بين سنتي 1999 و2002 مثلا من 3.4 إلى 7.6 مليار دولار.
3– عوامل نموا التجارة البرازيلية وبعض مؤشراتها ׃
تتجسد بعض عوامل نموا التجارية في ׃
* أهمية الموقع الجغرافي للبرازيل وانفتاحها على الأسواق الأوربية ،الامريكية ،والإفريقية وتوفرها على مواقع طبيعية لتشييد موانئ كبرى.
* ايجابية العوامل الطبيعية والاقتصادية : حيث تساهم وفرة الثروات المعدنية والطاقية والغابوية والمنتوجات الزراعية التسويقية وتدفق الاستثمارات الأجنبية في نموا الاقتصاد .
* دور العوامل التنظيمية المتمثلة في وجود شركات متعددة الجنسيات +اعتماد نظام رأسمالي قائم على اقتصاد السوق + تنظيم بنكي جيد ومحكم + انتماء البرازيل لمجموعة ميركوسور وتوفرها على موانئ كبرى ومطارات دولية مجهزة بساوباولو وريو دي جانيرو والعاصمة برازيليا مثلا وعنايتها بتنظيم المعارض والمهرجانات التجارية ساهمت في التعريف بالمنتوج البرازيلي وبتوسيع أسواقه .
* تشجيع الدولة للصادرات واعتبارها دعامة النماء الاقتصادي ومجالا لخلق فرص شغل جديدة منحت قطاع التجارة امتيازات تجلت في العمل على تنمية أقطاب جديدة متخصصة في التصدير وفي تحسين برنامج تمويل الصادرات وتامين القروض، كما أصبح يحظى بإلغاء النظام الضريبي المباشر ويستفيد من المساطر الإدارية والجمركية التي قامت الدولة بتبسيطها أملا في جلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية لهذا القطاع.
III – التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية وخصائصها المجالية بالبرازيل
البرازيل بلد التناقضات والمفارقات الاقتصادية والاجتماعية الصارخة ،يظهر ذلك من خلال :
1- اقتصاديا:
- ظهور تفاوتات مجالية كبرى على مستوى المعيشة وتوزيع الناتج الداخلي الخام والدخل الفردي والإنتاج الصناعي حيث نجد الجنوب الشرقي منطقة حيوية نشيطة اقتصاديا تستحوذ على نسبة 59.4 ٪ من الناتج الداخلي الخام ، مستوى العيش بها مرتفع على عكس باقي مناطق البلاد التي مازالت مهمشة ومتأخرة بسبب تدخل عوامل تاريخية ، حيث ظلت حبيسة الماضي ولم تستفيد من دورة التصنيع التي انطلقت بعد 1990 خصوصا وان البرازيل قد مر في نموه الاقتصادي تاريخيا بعدة دورات اقتصادية ( دورة قصب السكر في القرنين 16 و 17 ، دورة الذهب والمعادن النفيسة خلال القرن 18 عشر ،دورات المطاط، القطن والبن خلال القرن 19 الى منتصف القرن 20 وأخيرا دورة التصنيع الموجه نحو التصدير بعد 1990 ) .
- مشكل توزيع الاراضي الفلاحية وتباين التقنيات المستعملة : ففي الوقت الذي نجد فيه أن أكثر من 90 ٪ من الضيعات عبارة عن استغلاليات عائلية صغيرة ومتوسطة تستغل بأساليب عتيقة ولا تتعدى مساحتها 20 ٪ من الرقعة الصالحة للزراعة، تتركز80 ٪ من الاراضي الزراعية بالبلاد بيد الشركات الوطنية والأجنبية المتعددة الجنسيات وتمتد ضيعتها على مساحات شاسعة كما تستغل بطرق عصرية متطورة ،مما يعرض ملايين الفلاحين المعدمين وملاكي الضيعات الصغرى، للبؤس والاستغلال ولجشع ملاكي اللاتيفونديا .
2 - اجتماعيا:
- رغم تصنيف البرازيل ضمن البلدان ذات مؤشر تنمية لاباس به ( 0.792 ) وتصنيفها في الرتبة 69 عالميا بفضل أداءها الاقتصادي المتطور ،فإننا نلاحظ تفاوتات كبيرة في مجال التنمية الاجتماعية والمجالية حيث يمكن التمييز بين :
* برازيل قديم متأخر ومتخلف تنتشر به جيوب الفقر المطلق وتتراوح به نسبة الأمية بين أكثر من 43 ٪ و60 ٪ كما يقل فيه مؤشر التنمية البشرية عن 0.700 .ويغطي مناطق الشمال الشرقي ، المنطقة الشرقية الوسطى وحوض الأمازون غربا .
* برازيل حديث متطور اقتصاديا واجتماعيا ،دخله القومي والفردي مرتفعين ومعدل الأمية يقل عن 10 ٪. ويغطي الجنوب الشرقي والمناطق المرتبطة به جنوبا بالإضافة الى بعض المناطق الداخلية التي هي في طور التحديث مثل العاصمة برازيليا .
- أما المشكل الثاني فيتجلى في تفشي أحياء الفافيلا الصفيحية بهوامش المدن الكبرى بفعل حدة الهجرة الريفية والفوارق الاجتماعية والمجالية خصوصا بين المدن والقرى .
خاتمة:
إذا كانت البرازيل قد حققت قفزة اقتصادية جعلتها من كبار المنتجين العالميين والقوى الصناعية الحديثة الصاعدة، فان التباينات السوسيو مجالية تمثل الوجه الآخر للبرازيل المتخلف .
ذ.محمد الحارث
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
عدل سابقا من قبل Admin في الأربعاء أبريل 27, 2011 5:41 am عدل 1 مرات
